تصريح لمعالي السيد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي
15th October 2011
تصريح لمعالي السيد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي أمين عام وزارة الخارجية، رئيس وفد السلطنة في افتتاح المتحف البحري الجديد في سنغافورة لا شك أن هذا اليوم يمثل علامة بارزة أخرى في حياة السفينة الجميلة “جوهرة مسقط”. وكما هو شأن كل شوط مهم استطاعت أن تجتازه، فإن هذا اليوم لا يمثل النهاية، بل بداية مرحلة جديدة لها.
أربع سنوات مضت منذ أن وقّعت سلطنة عمان وسنغافورة على مذكرة التفاهم التي ولد بموجبها هذا المشروع الهام. كانت الجوهرة في ذلك الوقت طفلتنا جميعا وطفلة كل من تعرف عليها. وقد شاهدناها وهي تكبر وتترعرع لتواجه تحديات عتيدة، وأتينا اليوم لكي نحضر حفل تخرجها بكل حب واعتزاز.
إن افتتاح هذا المتحف الذي تتجلى فيه الجوهرة بأمجادها وإنجازاتها، إلى جانب العديد من المعروضات القيمة، يوفر فرصة فريدة للزائرين لاستكشاف تاريخ طريق الحرير البحري والتعرف عليه.
هذا التاريخ يعلمنا الكثير- يعلمنا كيف أن روح الاستكشاف والتجارة والتبادل الثقافي تلعب دورا كبيرا في تحقيق السلام والرخاء لكافة الأطراف المشاركة، وكيف أن روح الانفتاح والتنوع الثقافي والحضاري يمكن أن تؤتي ثمارا يانعة.
ربما تمثلت أكبر مساهمات جوهرة مسقط في تفاعل المشروع مع طلبة المدارس والشباب، في سياق الترابط بتاريخهم وتراثهم، وبث المعرفة والمهارات العملية فضلا عن إتاحة العديد من الإمكانيات الجديدة الواعدة لمستقبلهم.
خلال رحلة الجوهرة من مسقط إلى سنغافورة، كتبت إحدى طالبات الصف التاسع رسالة على موقع جوهرة مسقط في الانترنت، قالت فيها، “إن الجوهرة ليست مجرد سفينة تبحر إلى سنغافورة، فهي رمز للسلام والصداقة بين الدول. الشيء الجدير بالإعجاب في هذا المشروع هو أن تقرر دولة بناء سفينة مماثلة لأقدم أثر عُثِرَ عليه في المحيط الهندي، ثم الإبحار بها عبر أصعب الممرات المائية لإهدائها إلى دولة أخرى. واليوم، بينما تتصارع العديد من الأمم في الحروب، تولت دولتان مبادرة تخدم السلام.”
نستطيع اليوم أن نؤكد وبكل صدق وفخر، إن رؤية حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه في دعمه لمشروع جوهرة مسقط قد تحولت إلى واقع ملموس.
أتمنى أن تكون شجاعة كل من ساهم في تحويل هذه الرؤية إلى حقيقة – ومهاراتهم وتصميمهم وجهودهم التي لم تعرف الكلل – مصدر إلهام للشباب بوجه خاص.
لقد واجه القبطان صالح الجابري وأفراد طاقمه البواسل عواصف عاتية في مضيق البنغال، وتفادوا الارتطام بسفن الحاويات العملاقة في مضيق ملقا للوصول بالجوهرة إلى خليج كيبيل.
إن فريق العمل الذي قام ببناء هذه السفينة الرائعة كان فريقا دوليا ضم أفراد من الهند وسريلانكا وأستراليا وبريطانيا وأمريكا وإيطاليا وسلطنة عمان. إننا نشعر بالامتنان لأصدقائنا وزملائنا الجدد والسابقين هنا في سنغافورة وفي سلطنة عمان الذين ساعدوا في تنظيم هذا المشروع وإبرازه.
في قلب هذا المشروع وفي صميم هذا المتحف الجديد، هناك عبرة هامة، ليس لعمان وسنغافورة فحسب، أو للدول التي توقفت فيها جوهرة مسقط حيث حظيت باستقبال حار في كل من الهند وسريلانكا وماليزيا، وإنما لكافة الدول المطلة على المحيط الهندي. فمن خلال التقاء تراثنا الثري، وبنعمة العلم والتكنولوجيا الحديثة، بإمكاننا أن نفتح آفاقا رحبة ومستقبلا واعدا. ومن خلال العمل معا بروح الصداقة والإنسانية، وباستخدام مهاراتنا التي أنعم الله بها علينا، نستطيع تحقيق أشياء عظيمة تعود بالنفع علينا جميعا.