أبو السفينة
1st July 2010
بقلم الدكتور توم فوزمر
مع اقتراب هذه الرحلة التاريخية من فصلها الأخير، يتحدث مدير البناء الدكتور توم فوزمر عن بدايات المشروع وتطوره.
عندما أرسل لي الدكتور مايكل فليكر رسومات وصور لحطام سفينة من القرن التاسع تدعى البيلتانج التي تم بناء جوهرة مسقط على غرارها في أواخر التسعينات، لم أتخيل أبدا أنني بعد أكثر من عشر سنوات، سأكون على متن تلك السفينة التي تستعد الآن لدخول سنغافورة. لقد استغرق الوصول إلى هذه البقعة سنوات بكل ما تعنيه هذه الكلمة حرفيا ومجازيا. لقد قطعت الجوهرة آلاف الأميال منذ أقلعت من مسقط. وفي الواقع، عملت السفينة وطاقمها الدولي الرائع معا كفريق واحد للمرور عبر عواصف هادئة تارة وعاتية تارة أخرى، وقضوا معا أياما مليئة بالإحباط وأياما أخرى كلها فرح وابتهاج.
أما نحن الذين قمنا ببناء الجوهرة، فلنا رحلتنا المجازية. أذكر الأيام الأولى، بداية من التنظيم والتخطيط والتصميم ومرورا بالتجارب وانتهاء بالمناقشات المطولة مع مايك ونيك برننجهام مصمم السفينة حول شكلها وبنائها، ثم البحث عن المواد الأصلية، وعن الناس الذين يعرفون كيفية معالجة هذه المواد وتجميعها لصنع هذه الجوهرة الجميلة. دارت مناقشات طويلة حول الدليل الأثري الذي كنا نهتدي به خلال عملية إعادة البناء. كان الدليل مبهما في بعض الأحيان، وغامضا ومحيرا في أحيان أخرى. لقد كشف الدليل الأثري النقاب عن مهارة بنائي السفن في القرن التاسع. لقد تم تشبيك ألواح الجوهرة الواحد تلو الآخر بعناية فائقة، كما تمت خياطة الإطر، وتركيب القوائم الضخمة وتشبيكها. وتولى كل من لوكا، وإريك وألساندرو وهيلين إدارة هذه العملية في الموقع وتوثيقها بالكامل.
إنني أشعر وأنا جالس هنا في المرسى في انتظار الدخول إلى سنغافورة بتدفق غريب من العواطف- توقعات مثيرة، ارتياح، وحزن، واكتئاب. تتصارع التوقعات الخاصة باحتفالات الوصول، والالتقاء مرة أخرى مع أحبائنا مع الشعور بالراحة بأننا سوف نستريح من الضغط الكبير الذي كان على عاتقنا بمجرد وصول الجوهرة بالسلامة، ونشعر في نفس الوقت بالحزن الشديد مع اقتراب هذا المشروع من نهايته. لكنني بصفتي “أبو السفينة،” هذا هو الاسم الذي أطلقه علي أفراد الطاقم، أشعر بشيء من الرضا العميق لأن أداء السفينة كان عظيما، وأننا تعلمنا الكثير عن بناء السفن القديمة، وعن الإبحار وعن الملاحة. إن كل من شارك في تصميم جوهرة مسقط، وبنائها والإبحار بها ينبغي أن يشعر بالفخر لأنه كان عنصرا فاعلا في هذه المغامرة العظيمة. أتقدم إليهم جميعا بالشكر الجزيل..