الرحلة المقبلة
15th February 2010
القبطان صالح الجابري
لقد تلقينا العديد من رسائل الدعم والتمنيات بحظ سعيد فضلا عن الأمنيات الرقيقة.
كثيرون أعربوا عن قلقهم بشأن المخاطر التي تنطوي عليها الرحلة. إنهم يسألونني عن القراصنة وعن السفن الأخرى وعن الأحوال الجوية، وحقيقة أننا سنبحر بدون مرافقة من أي سفينة أخرى. لكننا لدينا الكثير من خطط السلامة ونحن جاهزين للإبحار، لذلك فإنني متحمس جدا وأشعر في نفس الوقت بالعصبية الشديدة بل والحزن لأنني سأترك أسرتي. لدي أربعة أطفال تتراوح أعمارهم بين 16، 14، 9، 3 سنوات. سيكون من الصعب علي تركهم طوال مدة هذه الرحلة الطويلة، لكن ينبغي علي أن أذهب. إنني أحلم منذ فترة طويلة بقيادة سفينة عريقة مثل الجوهرة. سفينة من هذا القبيل لا تبنى إلا مرة واجدة في العمر، ويشرفني أن أكون قبطانا لها، كما أن عائلتي فخورة بي أيضا.
إن كل ما أفعله في الوقت الحالي هو أنني أحسب الساعات والدقائق حتى موعد المغادرة. لا أستطيع النوم ليلا، بل إنني أرقد في مكاني وأضع في مخيلتي قوائم بكافة الأشياء التي ينبغي علينا أن نفعلها. وعندما يطلع النهار، أشعر وكأنني كأنني في غيبوبة، حينئذ أتناول كوبا من القهوة الساخنة المركزة لأنشط عقلي، ثم تشرق الشمس، وتغرب مرة أخرى إيذانا بانتهاء يوم وبدء يوم آخر.
إنني أتخيل منذ فترة تلك اللحظة التي سنترك فيها قارب القطر ونرفع أشرعتنا. وعندما يختفي ساحل سلطنة عمان عن الأفق، سنتوجه شرقا نحو كوتشين في الهند. سنسير بمفردنا على الرغم من أنني أعرف أن عائلتي وقريتي وبلدي سوف يكونوا معنا بأرواحهم. وأخيرا سنصبح مستقلين أي سنتحرك بمفردنا، لا أحد معنا سوى الريح والله. سنكون سعداء من كل قلوبنا، إنني بحار ولا أحب شيئا أكثر من الإبحار.