اقتربت النهاية
30th June 2010
مدونة السفينة
فرصة أخيرة للالتقاء بباقي أفراد الطاقم بينما يجري قطر الجوهرة إلى وجهتها النهائية في سنغافورة.
لقد تداعى النسيم المستمر الذي جاء بالأمس أمام السكون التام بعد منتصف الليل بقليل. وبحلول الساعة الثامنة صباحا، كان التيار قد أعاد الجوهرة مرة أخرى إلى نفس المكان الذي كانت قد وصلته في الساعة الثانية. وهنا نطرح السؤال التالي: ما الذي كان يفعله البحارة القدامى في موقف كهذا خلال القرن التاسع؟ ببساطة شديدة، لم يكن أمامهم إلا قبول الوضع وانتظار الرياح- مثلما فعلنا نحن على متن جوهرة مسقط أكثر من مرة. بيد أننا في هذه المرحلة لدينا موعد محدد وترتيبات خاصة للوصول في سنغافورة، وبالتالي فإن خيار انتظار الرياح لا يتوفر لنا. وحيث أنه مازال أمامنا نصف الرحلة إلى سنغافورة، وليس لدينا من الوقت إلا يومين فقط، قررنا في تمام الساعة الثامنة والنصف ربط حبل في السفينة المرافقة لنا لكي تتمكن من قطر الجوهرة لفترة من الوقت إلى أن تزداد قوة الرياح بما يكفي لمساعدتنا على الإبحار مرة أخرى. لكن الرياح ظلت هادئة لفترة طالت أكثر مما توقعنا، لدلك استمرت عملية القطر تارة وتوقفت تارة أخرى طوال اليوم. وتوقفنا في المساء في مياه ضحلة على أمل أن تتحسن الأوضاع بحلول الصباح. وفي الساعة التاسعة تقريبا، هبت علينا عاصفة شديدة وجلبت معها أمطار غزيرة ورياح شديدة، وبرق ورعد استمر حتى الساعة الرابعة. سنظل الجوهرة راسية تحت السماء الملبدة بالغيوم حتى بزوغ الفجر قبل أن نقرر ماذا سنفعل وكيف سنمضي قدما.
قبل أن نصل إلى نهاية الرحلة، أعتقد أن هذا هو الوقت المناسب لتقديم عدد من أفراد طاقم الجوهرة ممن لم تتعرفوا عليهم في المدونات السابقة.
أليساندرو غيدوني: درس علم الآثار في جامعة بلونيا وحضر إلى سلطنة عمان لأول مرة كعضو في الحملة الأثرية الإيطالية إلى رأس الحد خلال الفترة من عام 1998-1999. وبعد أن تعرف عليه الدكتور توم فوزمر، بدأ أليساندرو دراسة سفن العصر البرونزي، وشارك في بناء ثلاث سفن من هذا العصر- مجان-1، ومجان-2، ومجان-3. وفي سبتمبر 2005، حاول أليساندرو وسبعة آخرون هم أفراد الطاقم الإبحار بالسفينة مجان-3 إلى جوجرات في الهند. وعلى الرغم من أن الرحلة انتهت قبل الوصول، إلا أن ذلك المشروع شكل مصدرا ثريا للكثير من المعلومات المفيدة. يعتقد أليساندرو أنه لا يمكن للمرء فهم المعارف والمهارات التي كان أسلافنا يمتلكونها إلا من خلال استخدام نفس الأساليب والمواد القديمة التي كانوا يستخدمونها.
وفي سبتمبر 2008، قبل اليساندرو الدعوة للانضمام إلى مشروع جوهرة مسقط، وانتقل إلى ساحل قنتب في سلطنة عمان لبدء العمل في التوثيق. ومنذ ذلك الوقت، شارك اليساندرو في كافة جوانب ومراحل بناء السفينة، وخدم كعضو في الطاقم، وخبير فني طوال الرحلة.
لوكا بيلفيوريتي حصل على درجته في علم الآثار من جامعة بولونيا أيضا، وعمل كثيرا في مجال المسح والتنقيب عن الآثار في إيطاليا وفي سلطنة عمان. كما شارك أيضا في كافة مشروعات بناء سفن مجان، بالإضافة إلى أنه كان عضوا في الطاقم في رحلة سفينة مجان-3 إلى جوجرات في سبتمبر 2005. شغل بيلفيوريتي منصب مدير الموقع خلال مرحلة بناء جوهرة مسقط. وعندما تعرض شراعا الجوهرة للتلف خلال عاصفة وهي في طريقها إلى سريلانكا، بذل لوكا وكبار النجارين جهودا كبيرة بغية العثور على شراعين بديلين من خشب الساج وتشكيلهما. هذان الشراعان الجديدان مكنا الجوهرة من تجاوز عواصف أكثر قوة خلال عبور خليج البنغال. انضم لوكا إلى طاقم الجوهرة خلال الرحلة من جال إلى بينانج، ومنها إلى ميناء كلانج. وهو حاليا في سنغافورة لعمل الترتيبات اللوجستية لاستقبال الجوهرة.
مايكل ليثجو نجل أحد كبار المهندسين العاملين في البحرية الملكية، وترعرع في بورتثموث، سنغافورة، سيدني وجلاسجو. عمل بعد أن تخرج من المدرسة في العديد من الوظائف ذات الصلة بالبحر، منها ميكانيكي قوارب، عامل سطح، وأخيرا ربان قاطرة تعمل في بورتسموث. وفي عام 1979، قرر ليثجو ترك العمل على هذه القاطرة والبدء في دراسة الإخراج السينمائي والتصوير في جامعة وستمنستر. وقد أخرج العديد من الأفلام لقناة بي بي سي، والقناة الرابعة، وقناة ديسكفري، وقناة إيه بي سي أستراليا، وناشيونال جيوجرافيك حيث يعمل حاليا في تصوير فيلم عن رحلة جوهرة مسقط منذ انضمامه إليها في ميناء جال في سريلانكا. يعشق ليثجو كل ما يتعلق بكتابة السيناريو في التصوير الوثائقي. وما يشد انتباهه في هذه الرحلة هو أن جميع أفراد الطاقم تعودوا بسرعة كبيرة على التعايش مع التحديات والصعوبات الكثيرة التي تصاحب العيش على سطح جوهرة مسقط، وقد ازداد احترام أفراد الطاقم وتقديرهم لمهارات الملاحة في القرن التاسع. يقول ليثجو، “لقد أدركت تماما أن سفينة كهذه كانت تعتبر في القرن التاسع واحدة من أحدث الطرازات التي جمعت تصاميم آلاف السنين والإبداع في البناء. الشيء الممتع هو أنك تبحر عندما تأتي الرياح.”
أريك ستابلس أمريكي قضى تسع سنوات من طفولته على متن قارب شراعي في البحر الكاريبي وفي البحر المتوسط. وبعد حصوله على شهادة في علم الآثار، حصل على درجة الدكتوراه في التاريخ البحري الإسلامي من جامعة كاليفورنيا في سانتا بربارا. التحق ستابلس بمشروع جوهرة مسقط في يونيو 2008 كمدير للتوثيق، كما خدم قائدا لفريق مراقبة الميمنة طوال الرحلة. يرى ستابلس أن مشروع جوهرة مسقط يمثل فرصة رائعة للتعلم بالنسبة له لأنه استطاع من خلاله تجربة العديد من الجوانب الهامة في الإبحار في المحيط الهندي لم يعرفها سابقا إلا من خلال قراءاته- منها توقيت وصول الرياح الموسمية وطبيعتها، وأنماط الرياح والتيارات في مضيق ملقة. وعلاوة على اكتساب الكثير من المعلومات القيمة عن تصميم سفن القرن التاسع، وأسلوب بنائها، وقدراتها في الإبحار، خصص إريك الكثير من وقته على دراسة أساليب الملاحة الفلكية التي استخدمها البحارة العرب الأوائل. يعتقد أريك أن مشروع جوهرة مسقط تكلل بالنجاح حتى الآن، كما أنه على ثقة تامة المطبوعات والأفلام الوثائقية التي ستصدر مستقبلا عن المشروع، علاوة على عرض جوهرة مسقط في متحف سوف تكون بمثابة مساهمة طويلة الأجل في الثقافة العامة والتعليم عن المشروع.
روبرت جاكسون أمريكي حصل على شهاداته من جامعة كولومبيا ومن كلية سانت جون. وهو مؤلف كتاب :على حافة إمبراطورية: استكشاف جبهة روما المصرية. أقام جاكسون في سلطنة عمان لمدة عشر سنوات، حيث عمل في تدريس التاريخ في المدرسة الدولية الأمريكية في مسقط. لدى جاكسون اهتمام كبير بدراسة تاريخ التجارة في المحيط الهندي، لذلك عندما وجهت له الدعوة للإبحار على متن جوهرة مسقط طوال الرحلة قبلها على الفور. وعلاوة على عمله كعضو في الطاقم، خدم جاكسون كمصور الجوهرة، كما أنه يكتب المدونة اليومية لموقع المشروع.