رياح ونجوم ودلافين
18th February 2010
روبرت جاكسون
كما يتضح من خريطة الموقع، لقد حققنا تقدما جيدا خلال الليلتين الماضيتين، إلا أن مكاسبنا ضاعت خلال النهار بسبب انخفاض سرعة الرياح بل أنها تسير في الاتجاه المعاكس.
إننا نشعر بخيبة أمل لأننا جميعا بذلنا كل ما في وسعنا لكي نستفيد مما توفر لدينا من طاقة الرياح. لكن لا يبدو أن الهند تقترب منا. ومع ذلك، فإن هذه الحالة لا تختلف كثيرا عن تلك التي حيرت البحارة منذ بداية الإبحار من قديم الأزل. لذلك، نحن نعتبرها حالة عارضة، ونأمل أن تتحسن الرياح قريبا. بل إننا على ثقة أن الرياح سوف تأتي بسرعة.
وعندما كنا نحرز تقدما جيدا في وقت متأخر الليلة الفائتة، كان يبدو أن هناك ثلاثة دلافين يستمتعون باللعب في منطقتنا. كانت هذه الحيوانات الجميلة ومازالت من أصدقاء البحارة على مر العصور، كما أننا نعتبر وصولهم فألا حسنا للمستقبل.
إن قلة الرياح لا تعني أن الحياة سهلة وأن هناك فراغ على متن الجوهرة. ففي الحقيقة، يعمل طاقم السفينة بكل قوة على الأشرعة والحبال في محاولة لتسخير النسمة الخفيفة على أفضل نحو ممكن. علاوة على ذلك، يتم دائما صيانة الحبال والأنظمة الإلكترونية والمضخات اليدوية، بالإضافة إلى المحافظة على نظافة سطح السفينة وجعله أكثر تنظيما.
أجرينا اليوم أيضا تدريبات “انتشال الغريق” وإطفاء الحرائق. وسارت الأمور على ما يرام، لكننا بحاجة إلى تحسين سرعة الاستجابة والتعلم من بعض الأخطاء البسيطة في الإجراءات. وبينما كنا نقوم بتوزيع أطواق الإنقاذ المطاطية، أصيبت واحدة من الماعز على سطح السفينة بجرح في رأسها، لكن الإمدادات الطبية المتوفرة لدينا كانت كافية للتعامل مع الحالة. أما الماعز فهي بصحة جيدة الآن بعد وضع الضمادات على الجرح بشكل جيد.
لقد تعودنا جميعا على النظام البحري التقليدي الخاص بالمراقبة الدائمة. لقد تم تقسيم طاقم الجوهرة إلى فريقين للمراقبة- فريق الميمنة وفريق الميسرة. أما مدة كل نوبة مراقبة فهي أربع ساعات، لذلك، لم ينم أي منا أكثر من أربع ساعات في المرة الواحدة. وفي الليلة الماضية، بدأت نوبة فريق الميسرة من الساعة الثامنة حتى منتصف الليل، ومن الرابعة حتى الثامنة صباحا.
بالتأكيد يصعب على المرء أن ينهض من سريره ويصعد على سطح السفينة للعمل في الرياح الباردة، لكن فنجانا واحدا من الشاي الساخن الذي يعده طباخنا الماهر أحمد العدوي يكون مصدرا للسعادة. كذلك من المذهل بل والعجيب أن نرى هذا الكم الهائل من النجوم التي تمتد من الأفق إلى الأفق.
وفي الليلة الماضية أيضا، كانت “كوكبة العقرب” متوهجة بشكل ملفت جدا في السماء الجنوبية. أما أكثر النجوم توهجا في هذه المجموعة فهو “قلب العقرب”، الذي يزيد ثلاثة آلاف ضعف توهج نجمنا. لقد كان البحارة العرب القدامى سادة الملاحة السماوية. لذلك، لا يسع للمرء خلال فترة المناوبة الليلية على ظهر جوهرة مسقط، إلا أن يشعر بالاحترام المهيب للبحارة القدامى الذين استخدموا معرفتهم بالسماوات في توحيد معظم مناطق المحيط الهندي في الإيمان والتجارة.