الكلمة التي ألقاها معالي السيد بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي، أمين عام وزارة الخارجية العمانية خلال الاحتفال بالذكرى الخامسة لمشروع جوهر ة مسقط

1 نوفمبر 2015

 

بسم‭ ‬الله‭ ‬الرحمن‭ ‬الرحيم

الحمد‭ ‬لله‭ ‬الذي‭ ‬خلق‭ ‬لنا‭ ‬البحار،‭ ‬وهيّأ‭ ‬لنا‭ ‬السفر‭ ‬عبرها‭ ‬ليل‭ ‬نهار،‭ ‬والصلاة‭ ‬والسلام‭ ‬على‭ ‬سيدنا‭ ‬محمد‭ ‬وعلى‭ ‬آله‭ ‬وصحبه‭ ‬الأبرار‭.‬

صاحب‭ ‬السمو‭ ‬السيد‭ ‬فاتك‭ ‬بن‭ ‬فهربن‭ ‬تيمور‭ ‬آل‭ ‬سعيد‭ ‬الموقر

أصحاب‭ ‬السمو،‭ ‬أصحاب‭ ‬المعالي

معالي‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬ماليكي‭ ‬بن‭ ‬عثمان‭ ‬كبير‭ ‬وزراء‭ ‬الدولة‭ ‬بوزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬ووزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬بجمهورية‭ ‬سنغافورة‭ ‬

أصحاب‭ ‬السعادة‭ ‬السفراء

الإخوة‭ ‬والأخوات،‭ ‬ضيوفنا‭ ‬الكرام

السلام‭ ‬عليكم‭ ‬ورحمة‭ ‬الله‭ ‬وبركاته

ها‭ ‬هي‭ ‬خمسة‭ ‬أعوام‭ ‬تمر،‭ ‬وما‭ ‬يزال‭ ‬صدى‭ ‬الجوهرة‭ ‬يملأ‭ ‬النفوس‭ ‬عزّا‭ ‬وفخرا،‭ ‬وهي‭ ‬تمثّل‭ ‬حلقة‭ ‬وصل‭ ‬بين‭ ‬الأجيال،‭ ‬وأثر‭ ‬ملموس‭ ‬لتاريخ‭ ‬عمان‭ ‬التليد،‭ ‬وحاضرها‭ ‬المجيد‭ ‬وأمل‭ ‬واعد‭ ‬للمستقبل‭.‬

لقد‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الجوهرة‭ ‬ورحلتها‭ ‬التاريخية‭ ‬مجموعة‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬المهندسين‭ ‬والعلماء‭ ‬والحرفيين‭ ‬والمؤرخين‭ ‬والبحارة،‭ ‬في‭ ‬ملحمة‭ ‬تعكس‭ ‬عمق‭ ‬وثراء‭ ‬علاقات‭ ‬السلطنة‭ ‬الثقافية‭ ‬والتاريخية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الشرق‭. ‬

ولقد‭ ‬لعب‭ ‬المحيط‭ ‬الهندي‭ ‬دورا‭ ‬محوريا‭ ‬في‭ ‬تطور‭ ‬ورفاهية‭ ‬الشعوب‭ ‬المطلة‭ ‬عليه‭. ‬كما‭ ‬أكدت‭ ‬التحولات‭ ‬التي‭ ‬حدثت‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬العقود‭ ‬القريبة‭ ‬على‭ ‬أهميته‭ ‬الثقافية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬مركزا‭ ‬للنشاط‭ ‬التجاري‭ ‬والفكر‭ ‬الخلاق‭. ‬ولعله‭ ‬من‭ ‬نافلة‭ ‬القول‭ ‬أن‭ ‬المحيط‭ ‬الهندي‭ ‬كان‭ ‬مهد‭ ‬العولمة‭ ‬منذ‭ ‬القدم‭. ‬فمن‭ ‬هنا‭ ‬كان‭ ‬التجار‭ ‬والعلماء‭ ‬العمانيون‭ ‬يتنقلون‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬الثقافات،‭ ‬ويلتقون‭ ‬ببعضهم‭ ‬البعض‭ ‬بكل‭ ‬حرية‭ ‬ويسر‭. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬أيضا‭ ‬تطورت‭ ‬علاقات‭ ‬عمان‭ ‬مع‭ ‬سائر‭ ‬الثقافات‭ ‬واستمرت‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬وستظل‭ ‬بمشيئة‭ ‬الله‭.‬

لذلك‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬البديهي‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬هذا‭ ‬المحيط‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬محاور‭ ‬أنشطة‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬العمانية‭ ‬في‭ ‬نطاق‭ ‬العولمة‭ ‬الجديدة‭. ‬هذا‭ ‬النشاط‭ ‬الذي‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬مواصلة‭ ‬روح‭ ‬التبادل‭ ‬الحر‭ ‬والشراكة‭ ‬التي‭ ‬سادت‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬العولمة‭ ‬الأول‭. ‬وتستمر‭ ‬اليوم‭ ‬هذه‭ ‬الأنشطة‭ ‬والمبادرات‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬المناخ‭ ‬الذي‭ ‬يعزز‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬التعاون‭ ‬الثقافي‭ ‬والتجاري‭ ‬والعلمي،‭ ‬وإثراء‭ ‬دعائم‭ ‬التعايش‭ ‬والسلام‭ ‬والاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬والوئام،‭ ‬وبما‭ ‬يدفع‭ ‬أشرعة‭ ‬الجميع‭ ‬برياح‭ ‬الأفكار‭ ‬المثمرة‭ ‬والمنافع‭ ‬والمصالح‭ ‬المشتركة‭. ‬

ولقد‭ ‬كانت‭ ‬سنغافورة‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬شريكا‭ ‬رائعا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬جوهرة‭ ‬مسقط‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬المشروع‭ ‬الجماعي‭ ‬الأكبر‭ ‬والمرتبط‭ ‬بتعظيم‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬المحيط‭ ‬الهندي‭ ‬وطريق‭ ‬الحرير،‭ ‬بالشراكة‭ ‬مع‭ ‬جمهورية‭ ‬الصين‭ ‬الشعبية‭ ‬والدول‭ ‬المطلة‭ ‬على‭ ‬خطوط‭ ‬الملاحة‭ ‬البحرية،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الفرص‭ ‬الجديدة‭ ‬الواعدة‭ ‬والعلاقات‭ ‬المتجددة‭. ‬وبهذه‭ ‬المناسبة‭ ‬لا‭ ‬يفوتنا‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬نعرب‭ ‬عن‭ ‬اعتزازنا‭ ‬العميق‭ ‬بهذا‭ ‬التعاون‭ ‬الإيجابي‭ ‬الرائع‭. ‬

حفلنا‭ ‬الكريم

أبحرت‭ ‬الجوهرة‭ ‬فظلت‭ ‬رمزا‭ ‬بارزا‭ ‬من‭ ‬رموز‭ ‬التاريخ‭ ‬البحري‭ ‬العماني‭.   ‬وكانت‭ ‬ألواحها‭ ‬وأشرعتها‭ ‬أمام‭ ‬البحار‭ ‬والرياح‭ ‬تعزف‭ ‬سيمفونية‭ ‬عنوانها‭ “‬عمان‭ ‬والبحر‭”. ‬وكأن‭ ‬السفينة‭ ‬الأم‭ ‬التي‭ ‬أبحرت‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬الميلادي‭ ‬ترسل‭ ‬نغمات‭ ‬الحنين‭ ‬والسرور‭ ‬إلى‭ ‬الجوهرة،‭ ‬ابتهاجا‭ ‬لما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬طاقمها‭ ‬الشجاع‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬التاريخ‭ ‬لنفسه‭. ‬

سبعة‭ ‬عشر‭ ‬شخصا‭ ‬على‭ ‬سفينة‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬طولها‭ ‬ستين‭ ‬قدما،‭ ‬اجتازت‭ ‬بهم‭ ‬العواصف‭ ‬الجامحة‭ ‬بعناية‭ ‬الرحمن،‭ ‬ثم‭ ‬بشجاعتهم‭ ‬وصبرهم‭ ‬ومهاراتهم‭ ‬المتقنة،‭ ‬ذلك‭ ‬الطاقم‭ ‬الذي‭ ‬ظل‭ ‬على‭ ‬قلب‭ ‬رجل‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬المتكامل،‭ ‬الذي‭ ‬يسوده‭ ‬التعاون‭ ‬الصادق،‭ ‬والمحبة‭ ‬الحقيقية،،،،‭ ‬وما‭ ‬أكثر‭ ‬القيم‭ ‬التي‭ ‬حملتها‭ ‬الجوهرة‭ ‬للأجيال‭ ‬الحاضرة‭ ‬والمقبلة‭.‬

لقد‭ ‬أصبحت‭ ‬تلك‭ ‬المجموعة‭ ‬من‭ ‬البحارة‭ ‬أسرة‭ ‬واحدة،‭ ‬تحمل‭ ‬رسالة‭ ‬حضارية‭ ‬عن‭ ‬علاقة‭ ‬عمان‭ ‬بالبحر‭.‬

فالشكر‭ ‬بعد‭ ‬الله‭ ‬أعظمه‭ ‬لمولاي‭ ‬حضرة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬السلطان‭ ‬قابوس‭ ‬بن‭ ‬سعيد‭ ‬المعظم‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه،‭ ‬الذي‭ ‬أطلق‭ ‬اسم‭ ‬جوهرة‭ ‬مسقط‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬السفينة‭ ‬وأصدر‭ ‬أوامره‭ ‬السامية‭ ‬ليقوم‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬الأصيل،‭ ‬حتى‭ ‬غدت‭ ‬الجوهرة‭ ‬هدية‭ ‬سلطانية‭ ‬من‭ ‬عمان‭ ‬لشعب‭ ‬سنغافورة‭ ‬الصديق‭.‬

ويسرني‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقام‭ ‬ان‭ ‬أشير‭ ‬إلى‭ ‬كتاب‭ ‬جوهرة‭ ‬مسقط‭ ‬الذي‭ ‬يدشن‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المساء،‭ ‬معربا‭ ‬عن‭ ‬شكرنا‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬إعداده‭ ‬وإخراجه،‭ ‬وأخص‭ ‬بالذكر‭ ‬الكاتبة‭ ‬ميجان‭ ‬فيرمان‭ ‬وأصدقاءنا‭ ‬في‭ ‬جمعية‭ ‬ناشيونال‭ ‬جيوجرافيك‭ ‬آملا‭ ‬أن‭ ‬يبحر‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬إلى‭ ‬قرائه‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬ممتعة‭. ‬

نغتنم‭ ‬الفرصة‭ ‬لنحيي‭ ‬القبطان‭ ‬صالح‭ ‬بن‭ ‬سعيد‭ ‬الجابري،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬كلما‭ ‬تأمل،‭ ‬تذكر‭ ‬دعاء‭ ‬والديه‭ ‬له‭ ‬بالتوفيق،‭ ‬فازداد‭ ‬مع‭ ‬زملائه‭ ‬نشاطا‭ ‬وهمة‭ ‬وشعورا‭ ‬بالمسؤولية‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬حجمها‭ ‬وخطورتها‭.‬

كما‭ ‬نحيي‭ ‬جميع‭ ‬البحَّارة‭ ‬الأشاوس‭ ‬وطاقم‭ ‬الفريق‭ ‬العامل،‭ ‬وجميعهم‭ ‬اتسموا‭ ‬بروح‭ ‬الصبر‭ ‬والصدق‭ ‬والعزم،،‭ ‬والمسؤولية‭ ‬الوطنية‭ ‬الجماعية‭.‬

صاحب‭ ‬السمو‭ ‬السيد‭ ‬فاتك‭ ‬بن‭ ‬فهر‭ ‬آل‭ ‬سعيد

اسمحوا‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أعبر‭ ‬عن‭ ‬عظيم‭ ‬الشكر‭ ‬والتقدير‭ ‬لسموكم‭ ‬على‭ ‬تفضلكم‭ ‬برعاية‭ ‬هذه‭ ‬المناسبة‭ ‬السعيدة‭. ‬

ولجميع‭ ‬الحضور‭ ‬الكرام‭.. ‬وجميع‭ ‬من‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬وإحياء‭ ‬هذه‭ ‬الأمسية‭ ‬وافر‭ ‬الشكر‭ ‬والامتنان‭.‬

طبتم‭ ‬وطاب‭ ‬مساؤكم

والسلام‭ ‬عليكم‭ ‬ورحمة‭ ‬الله‭ ‬وبركاته